فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَاهُ بِمَا يَفْسُقُ بِهِ كَأَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ أَسْنَى وَلَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْإِطْلَاقُ كَالرَّوْضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِشَرْطِ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْته بَيَّنَ فِي زَوَاجِرِهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِلْإِيذَاءِ) أَيْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَنَحْوَهُ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُذِيعُ لَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ سِرًّا فَأَذَاعَهُ وَهَتَكَ بِهِ سِتْرَ الْمَهْجُوِّ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَفْحُشَ) قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ فَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: يُجَاوِزُ إلَخْ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُرَادِ.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: إنْ أَكْثَرَ إلَى قَالَ وَقَوْلُهُ وَنَازَعَ إلَى وَبِالْمُعَيَّنَةِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: الْإِطْرَاءِ) أَيْ الْمُبَالَغَةِ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَكْثَرَ مِنْهُ) لَعَلَّ ضَابِطَ الْإِكْثَارِ أَنْ لَا تَغْلِبَ طَاعَاتُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْإِكْثَارِ فِي الْهَجْوِ وَالتَّعْرِيضِ مَعَ تَعْلِيلِهِمَا الْمَذْكُورِ أَيْ الْإِيذَاءِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَبِيرَةٌ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ لَعَلَّ ضَابِطَ الْإِكْثَارِ إلَخْ الْأَوْلَى لَعَلَّ الرَّدَّ بِالْإِكْثَارِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا تَغْلِبَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ قَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْهُ عَنْ زَوَاجِرِ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ فِي الثَّانِي قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَيَقَعُ لِبَعْضِ فَسَقَةِ الشُّعَرَاءِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَا إيهَامَ الصِّدْقِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْهَمْزَةِ كَمَا فِي الْحَلَبِيِّ.
(قَوْلُهُ: رَذْلًا) وَقَوْلُهُ نَذْلًا كِلَاهُمَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْخَسِيسُ قَامُوسٌ.
(قَوْلُهُ: وَهَتْكِ السِّتْرِ) لَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ.
(قَوْلُهُ: إذَا وَصَفَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ حَلِيلَتِهِ) أَيْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ.
(قَوْلُهُ: مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي هُنَا وَلَوْ شَبَّبَ بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِسُقُوطِ مُرُوءَتِهِ، وَكَذَا لَوْ وَصَفَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِأَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَإِنْ نُوزِعَ فِي ذَلِكَ. اهـ.
وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ إلَخْ وَقَرَنَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّقْبِيلِ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ مِمَّا يَسْتَحِي مِنْهُ وَكَذَا صَرَّحَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَتِهِ لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ بِكَرَاهَتِهِ) وَكَذَا جَزَمَ بِهَا الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِسُقُوطِ الْمُرُوءَةِ بِذَلِكَ رَوْضٌ وَمُغْنِي، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْإِكْثَارِ لَكِنْ كَلَامُهُمْ الْآتِي فِي شَرْحِ وَإِكْثَارُ حِكَايَاتٍ إلَخْ قَدْ يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ بَلْ كَلَامُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى كَالصَّرِيحِ فِيهِ حَيْثُ اقْتَصَرَا هُنَاكَ عَلَى كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَسَكَتَا عَنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكْثُرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ مُغْنِي وَأَسْنَى وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ اعْتَبَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ تَعْيِينَهُ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: قَيَّدُوا الشَّهَادَةَ) أَيْ شَهَادَةَ الْمَيِّتِ عِشْقًا.
(قَوْلُهُ: وَبِالْمُعَيَّنَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَكْلُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَمَحَلُّهُ إلَى وَيَقَعُ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْمُعَيَّنَةِ غَيْرُهَا إلَخْ) وَلَيْسَ ذِكْرُ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ كَلَيْلَى تَعْيِينًا رَوْضٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي تَشْبِيبِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ عَدَمِ الرَّدِّ بِذَلِكَ عِبَارَةُ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ قَوْلِ الرَّوْضِ وَالتَّشْبِيبُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَضُرُّ نَصُّهُ وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الْكَثْرَةِ بَنَاهُ الْأَصْلُ عَلَى ضَعِيفٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْأَصْلِ بِالْقَلِيلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا شَكَّ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ) أَيْ فَيَفْسُقُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ.

.فَرْعٌ:

شُرْبُ الْخَمْرِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ يُوجِبُ الْحَدَّ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ وَإِنْ قَلَّ الْمَشْرُوبُ وَلَمْ يُسْكِرْ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ بَائِعِهَا وَمُشْتَرِيهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَتَدَاوٍ وَقَصْدِ تَخَلُّلٍ لَا مُمْسِكِهَا فَرُبَّمَا قَصَدَ بِإِمْسَاكِهَا التَّخَلُّلَ وَلَا عَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ شُرْبَهَا أَوْ الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ وَالْمَطْبُوخُ مِنْهَا كَالنَّبِيذِ فَإِذَا شَرِبَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَةٌ وَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ قَدْرًا لَا يُسْكِرُ وَاعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ كَالْحَنَفِيِّ حُدَّ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَا مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً وَهُوَ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ فِيهِمَا، وَإِنْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ نَكَحَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَوَطِئَ فِيهَا وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْحِلَّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، أَوْ الْحُرْمَةَ رُدَّتْ لِذَلِكَ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مُلْتَقِطِ النِّثَارِ وَإِنْ كُرِهَ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَ الدَّعْوَةِ بِلَا نِدَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ اسْتِحْلَالَ صَاحِبِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مُحَرَّمًا إلَّا دَعْوَةَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَهَا؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ عَامٌّ. اهـ.
(وَالْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ)؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْعُرْفِيَّةَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ لَهَا وَهَذِهِ أَحْسَنُ الْعِبَارَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَعْرِيفِ الْمُرُوءَةِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ الْمُبَاحَةِ غَيْرِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ فَلَا نَظَرَ لِخُلُقِ الْقَلَنْدَرِيَّةِ فِي حَلْقِ اللِّحَى وَنَحْوِهَا (فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ وَالْمَشْيُ) فِيهِ (مَكْشُوفَ الرَّأْسِ) أَوْ الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ كَشْفُ ذَلِكَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَمْشِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ مَاشِيًا لِتَافِهٍ مَا لَمْ يَكُنْ خَالِيًا فِيمَا يَظْهَرُ يُسْقِطُهَا لِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ «الْأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ» وَمِثْلُهُ الشُّرْبُ إلَّا إنْ صَدَقَ جُوعُهُ أَوْ عَطَشُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ كَانَ يَأْكُلُ حَيْثُ وُجِدَ لِتَقَلُّلِهِ وَبَرَاءَتُهُ مِنْ التَّكَلُّفِ الْعَادِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ الْحَقُّ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ قُلْت أَوْ كَانَ صَائِمًا مَثَلًا فَقَصَدَ الْمُبَادَرَةَ بِسُنَّةِ الْفِطْرِ لِعُذْرِهِ (وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا أَوْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا (بِحَضْرَةِ النَّاسِ) أَوْ أَجْنَبِيٌّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِهِ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَقْبِيلِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا وَلَا وَجْهَ فِي التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ.
(وَإِكْثَارُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ) لِلْحَاضِرِينَ أَوْ فِعْلُ خَيَالَاتٍ كَذَلِكَ بِأَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ بَلْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» مَا يُفِيدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ كَبِيرَةٌ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلِمَةٍ فِي الْغَيْرِ بِبَاطِلٍ يُضْحِكُ بِهَا أَعْدَاءَهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيذَاءِ مَا يُعَادِلُ مَا فِي كَبَائِرَ كَثِيرَةٍ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الْإِكْثَارِ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَكْرَارِ الْكُلِّ تَكْرَارًا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ.
وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالنَّصِّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ ظَاهِرُ النَّصِّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ مَنْ وُجِدَ مَا فِيهِ بَعْضُ مَا هُوَ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَكِنْ تَوَقَّفَ شَيْخُهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي إطْلَاقِ اعْتِبَارِ الْإِكْثَارِ فِي الْكُلِّ، ثُمَّ بَحَثَ اعْتِبَارَهُ فِي نَحْوِ الْأَكْلِ بِسُوقٍ وَمَدِّ الرِّجْلِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ بِخِلَافِ نَحْوِ قُبْلَةِ حَلِيلَةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ وَاعْتُرِضَ بِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَبَّلَ أَمَةً خَرَجَتْ لَهُ مِنْ السَّبْيِ كَانَ عِتْقُهَا إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِفِعْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْحُرْمَةِ حَتَّى يُسْتَدَلُّ بِسُكُوتِ الْبَاقِينَ عَلَيْهَا بَلْ فِي سُقُوطِ الْمُرُوءَةِ وَسُكُوتُهُمْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِيُبَيِّنَ حِلَّ التَّمَتُّعِ بِالْمَسْبِيَّةِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا أَصْلًا فَالْأَوْجَهُ مَا فَصَّلَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً وَقَلَنْسُوَةً) وَهِيَ مَا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ وَحْدَهُ وَتَاجِرٍ ثَوْبَ نَحْوِ جَمَّالٍ وَهَذَا ثَوْبُ نَحْوِ قَاضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يُفْعَلُ (حَيْثُ) أَيْ: بِمَحَلٍّ (لَا يُعْتَادُ) مِثْلُهُ فِيهِ (وَإِكْبَابٌ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ) أَوْ فِعْلُهُ بِنَحْوِ طَرِيقٍ وَإِنْ قَلَّ كَمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ حُضُورَهُ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ (أَوْ) عَلَى (غِنَاءٍ أَوْ) عَلَى (سَمَاعِهِ) أَيْ: اسْتِمَاعِهِ أَوْ اتِّخَاذِ امْرَأَةٍ أَوْ أَمْرَدَ لِيُغَنِّيَ لِلنَّاسِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إكْبَابٍ (وَإِدَامَةِ رَقْصٍ) أَيْ: مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيُسْقِطُهَا مِنْهُ مَرَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَمْرُ إلَى آخِرِهِ وَمَدِّ الرِّجْلِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْتَشِمُهُ بِلَا عُذْرٍ (يُسْقِطُهَا) لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَهَا، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ اتِّخَاذَ الْغِنَاءِ الْمُبَاحِ حِرْفَةً لَا يُسْقِطُهَا إذَا لَاقَ بِهِ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى رَدِّ شَهَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهَا حِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ وَيُعَدُّ فَاعِلُهَا فِي الْعُرْفِ مِمَّنْ لَا حَيَاءَ لَهُ وَبِمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَهُ عُلِمَ أَنَّ الْوَاوَ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى أَوْ (تَنْبِيهٌ).
اخْتَلَفُوا فِي تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى أَوْجُهٍ: ثَالِثُهَا إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ شَهَادَةٌ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّسَبُّبُ فِي إسْقَاطِ مَا تَحَمَّلَهُ وَصَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ (وَالْأَمْرُ فِيهِ) أَيْ: جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ)؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا مَرَّ فَقَدْ يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ وَفِي حَالٍ أَوْ مَكَان مَا لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ فِيهِ وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ فِي نَحْوِ الْقُبْلَةِ وَإِكْثَارِ الضَّحِكِ وَالشِّطْرَنْجِ أَيْ: فَهَذِهِ تَسْلُبُهَا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (تَنْبِيهٌ).
يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ إلَى آخِرِهِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بَلَدًا فَتَزَيَّا بِزِيِّ أَهْلِهَا لَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ بِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ سَلِمَ مَا إذَا تَزَيَّا بِزِيِّ أَهْلِ حِرْفَتِهِ وَلَمْ يَعُدَّ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنَّ تَزَيِّيه بِزِيِّ غَيْرِ بَلَدِهِ مُزْرٍ بِهِ مُطْلَقًا (وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) بِالْهَمْزِ (كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ) وَحِيَاكَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَقِيَامَةِ حَمَّامٍ وَجِزَارَةٍ (مِمَّنْ لَا تَلِيقُ) هَذِهِ (بِهِ تُسْقِطُهَا) لِإِشْعَارِهَا بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ (فَإِنْ اعْتَادَهَا) أَيْ: لَاقَتْ بِهِ (وَكَانَتْ) مُبَاحَةً سَوَاءٌ أَكَانَتْ (حِرْفَةَ أَبِيهِ) أَمْ لَمْ تَكُنْ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَذَكَرَهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حِرْفَةِ أَبِيهِ (فَلَا) تُسْقِطُهَا (فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِذَلِكَ، أَمَّا ذُو حِرْفَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَمُنَجِّمٍ وَمُصَوِّرٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ بَاطِلَةٌ فَيَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ لَاسِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ فَإِنَّ نُفُوسَ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَرَقَ شَرِكَةٍ وَيَكْتُبَ وَيُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ مِنْ ثَمَنِ الْوَرَقِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ. اهـ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الْمُنَافِي فَفِي عَدَمِ التَّغَيُّرِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ) يُتَّجَهُ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْكُلِّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَاحَظَ مَعَ هَذَا الْكَلَامِ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ قَوْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمُرُوءَةِ وَالْمُخِلِّ بِهَا فَإِنْ غَلَبَتْ أَفْرَادُهَا لَمْ تُؤَثِّرْ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. اهـ.
فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لِكُلِّ مَا ذَكَرَهُ هَهُنَا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ السَّلَفُ لَا يَسْكُتُونَ عَلَى مَا لَا يَلِيقُ مِنْ مِثْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَا يُحَابُونَ أَحَدًا فِيمَا لَا يَلِيقُ فَلْيُتَأَمَّلْ.